٦. علاج المشاكل الزوجية |
ندخل الحياة الزوجية ونحن نحمل معنا حياتنا الماضية و شخصياتنا بما فيها من أمور ايجابية وسلبية، فالإيجابية هي الأمور الصالحة والتربية السليمة من الأهل والحياة، وأثر الكنيسة والتربية الدينية، أما السلبية مثل مشاكل في بيت الأهل، قسوة في طريقة التربية (شحة الحب والاحترام)، الشعور بالرفض، عدم قبول الذات، احتياجات غير ملباة، ....الخ
كل هذه الأمور السلبية نحملها معنا إلى الحياة الزوجية، وهي بدورها تؤثر على العلاقة مع شريك الحياة، هذا إضافة إلى أن شريك الحياة أيضا له حياته الماضية وشخصيته بما فيها من أمور ايجابية وسلبية.
هناك بعض الأساليب التي يستخدمها الزوجين للتعامل في الخلافات، مثل، الانسحاب، الفوز (بالسيطرة والأخضاع)، الإذعان، المساومة، التصميم لحل الخلاف.
إن الأسلوب الذي نختارهُ للتعامل مع الخلافات، يكون عموماً نفس الأسلوب الذي أستخدمه أهالينا في حل خلافاتهم. فالأب الذي كان يربح كل مجادلة، سيؤثر على ابنه أو ابنته فينهجوا بخطواته، لأن الطفل يراقب أهلة ويتأثر بأساليب والديه ومنها في أسلوب مواجهة الخلافات. ونحتاج الى ان ننتبه إلى هذا الأمر ونرفضه لنتبنى أسلوبًا جديدًا (إيمانيا بالطبع)، أسلوب التصميم لحل الخلاف ، وبمعونة الروح القدس.
إن مسببات المشاكل الزوجية التي ذكرناها سابقا تكون أكثف في حالة وجود ثغرات في طبيعة الزوجين وشخصياتهما، لذلك يحتاج الطرفين إلى المساندة والإرشاد كل على انفراد للمعالجة المبدئية ثم إرشاد الزوجين مع بعض.
فبعد معرفة مشكلة الزوجين الحالية، وتحليل جوانبها نبدأ:
أول مرحلة في العلاج الزوجي هو الحوار مع الزوجين وذلك لتصحيح المفاهيم، على أن يكون الحوار بانفتاح وبأسلوب لائق، غير هجومي، وخالي من الغضب.
حيث يتم تصحيح المفاهيم للطرفين عن: "الأسس الكتابية للزواج المسيحي" و" أسس العلاقة الزوجية الصحيحة" المذكورة سابقاً، لكن مع التركيز على المشكلة الرئيسية بالنسبة لهذين الزوجين والتي تخص احد هذه الأسس أو ربما أكثر، مثلاً الترك، الحوار، العلاقة مع الله...الخ
يشمل هذا التصحيح كل المفاهيم الخاطئة المتأثرة بالمجتمع وايضاً الموروثة من عادات وتقاليد عائلية والتي ليست بحسب المفهوم الكتابي للزواج.
إن العلاقة مع الله هي أمر أساسي لفهم واستقبال المفاهيم الصحيحة للزواج والتي بحسب الكتاب المقدس.
إن الحوار البنّاء بين الطرفين سيعينهم على قبول احدهما الآخر وذلك بسبب توضيح الأمور، وعمل الله في الطرفين، في الأفكار والقلوب والدوافع والنيات.
المغفرة ليست النسيان، اوالتظاهر بأن شيئًا ما لم يحدث. المغفرة ليست مشروطة، كما جاء في متى 18/ 21-22: "… لا سبع مراتٍ، بل سبعين مرة سبعَ مرات (تفغر لأخيك، لشريك حياتك)".
المغفرة هي
قرار نتخذهُ بإرادتنا لطاعة الرب مهما كانت مشاعرنا، ويكون هو طريق أو صفة حياتنا، بحيث أن أعمال ودوافع الآخر (شريك الحياة) لا تؤثر على دوافعي وأعمالي.
إذ أتقدم أمام الصليب وأضع همومي ومشاعري الجريحة عنده، وبضمنها عدم المغفرة تجاه شريك الحياة، وأسأل شفائه لمشاعري الجريحة و معونته للغفران على اساس غفران الله لي.
"حمل احزاننا وتحمل أوجاعنا ... سلامنا أعدّه لنا، وبجِراحه شٌفينا"
"كللنا كالغنم ظللنا، ملنا كل واحد الى طريقه، والرب وضع عليه إثمَ جميعنا" اشعيا 53.
إن المستفيد الأول من المغفرة هو أنا/ المبادر إلى الغفران (صاحب المشكلة)، لأني إذا غفرت فأني سأتحرر من قيد ذلك الشخص المسيء وهو أيضا سيتحرر من قيدي، وعلاقتي مع الله تكون أقوى، وأيضًا صلواتي مسموعة.
كلما نتأمل أكثر في محبة يسوع وكلامه، ندرك المحبة الباذلة غير المشروطة للآخر.
كلما نسلك في طريق الغفران، الذي يتضمن غفران الله لنا وغفراننا للطرف الآخر، فالرب سوف يسد احتياجنا إلى الأمان والقيمة الذاتية وبدورنا سننطلق من التمركز على الذات إلى الآخر، وبمعونة الروح القدس سنكون قادرين على تسديد احتياج بعضنا البعض، وناظرين دوما إلى احتياج الآخر.
الآن أصبح للطرفين إمكانية العطاء احدهما للآخر، عطاءهم من شبعهم بدلا من احتياجهم للأخذ.
لكن ماذا لو تسرب التعب إلى العلاقة الزوجية؟ ماذا لو نفذ الخمر؟
إذا نفذ الخمر (خمر السعادة والمحبة) فالرب يسوع يُقدِّم لنا حلاً، فكما حوّل الماء في عرس قانا إلى خمر(يوحنا 2)، يستطيع يسوع المسيح أن يعمل معجزة لحياتنا الزوجية أيضًا . لكنهُ يحتاج إلى تصميم أرادتنا والتزامنا وأن نسمع كلامه ونتخلى عن الذات.
فلنقدم حتى ولو القليل من موارد الفرح والرب سيباركهُ ليكون فيض من الفرح الحقيقي. وهذه هي المعجزة، اشتراك الله والإنسان لإنجاز الأفضل.
إن حضور يسوع في عرس قانا، أي حضور المحبة الإلهية، حوّل الماء إلى خمر بل خمر جيد، وهذا يعني أن الحب الزوجي يتحول في الزواج وبواسطة حضور يسوع (المحبة الإلهية) إلى حب جديد يفوح عطرًا خاصًا هو رائحة المسيح الذكية (2كو 2/14-15).
إن شفاء كل من الطرفين من مخلفات الماضي بأفكاره الخاطئة ومشاعره الجريحة (الطفولية) هو أساسي للسير في هذه المحبة. لأن هذا سيحرر ويعين كِلا الطرفين لكي ينمو في المسيح ويكون مستعدًا لكل عمل صالح.
المحبة تصبر وترفق، لا تعرف الحسد ولا التفاخر ولا الكبرياء.
المحبة لا تسيء التصرف، ولا تطلب منفعتها، ولا تحتد ولا تظن السوء.
المحبة لا تفرح بالظلم، بل تفرح بالحق.
المحبة تصفح عن كل شي، وتصدق كل شيء، وترجو كل شيء، وتصبر على كل شيء.
المحبة لا تزول أبدًا.
آميـــن