ذكرنا سابقاً بأن الزواج المسيحي قائم على أسس إنجيلية ثابتة، وكذلك العلاقة الزوجية الإنسانية ذات مقومات أو أسس معينة أيضاً.
ان مسببات المشاكل الزوجية هي الأنحراف عن هذه الأسس والمقومات وكما مدرج أدناه:
أولاً: ألمُسَبِّبات الناتِجة عَن الإنحِراف عَن أسُس الزَواج المَسيحِي
-
مَشاكِل فِي المَحَبَّة
إن المشكلة الرئيسية هو عدم التوازن بين انواع المحبة الثلاثة (الجسدية، الصداقة، الالهية) والمذكورة سابقاً، وكما يلي:
-
ارتفاع نسبة المحبة الجسدية (محبة الأخذ) او انخفاضها.
-
ضعف في محبة الصداقة (الأخذ والعطاء).
-
يؤدي فقدان المحبة الإلهية تغيب التضحية وبذل الذات إضافة إلى غياب عنصري الغفران والقبول ( المحبة اللا مشروطة) اللذان يعتبران من أهم العناصر لإدامة الحياة الزوجية.
-
مَشاكِل فِي التَكافُؤ والتَكامُل
ذكرنا بأن خلق حواء المثيل المعين يقود إلى مبدأ التكافؤ والتكامل. إذ خلق الله آدم وحواء ليكونا متكافئين(متساويين) أمامه في الكرامة والحقوق (لكن مختلفين بالمسئوليات) بسبب اختلاف تركيب الجسم وفي طريقة النظر الى الأمور، تنشأ المشاكل بسبب:
-
عدم أدراك الزوجين لمبدأ التكافؤ (المساواة) بسبب جهلهم لكلام الإنجيل من هذه الناحية.
-
غياب المثال الصالح أي والدي الزوجين ، فالتكافؤ يضمحل ويحل محله علاقة سيد وتابع. وان هكذا علاقة لا تسمح لكلا الطرفين من أن يجد في صاحبه معينا ً أو مكملاً له، وبذا تنشأ فجوة بين الزوجين.
-
انعكاس الأدوار للزوجين (المحبة للزوج ، الخضوع للزوجة) يعيق مبدأ التكامل.
-
مَشاكِل فِي الوحدَة
ذكرنا بأن الأساس الثالث للزواج المسيحي هو الوحدة، وهو يمر بثلاث مراحل (الترك، الأتحاد، الجسد الواحد) لذلك:
-
أن صعوبة الترك سيعيق عملية الإتحاد بسبب أن الزوجان لن يجدا في الآخر (في بيت الزوجية) ما يسد احتياجهما، وكذلك هدفيهما لن يكون بناء الكيان الواحد الذي دعاهم الله له في الزواج بل يكون هدف أناني لتحقيق أو لتسديد حاجات شخصية.
-
وجود ثغرة في الوحدة ممكن ان تكون موطىء قدم للأفكار الخاطئة والإدانة وتوجيه اللوم، حيث ان أفكار الطرفين تكون متباعدة والأهداف أيضا مختلفة وبالتالي الاثنان لن يصيرا واحداً بالرغم من تواجد المحبة الجسدية.
-
مَشاكِل فِي الدَيمومَة
ذكرنا سابقا بأن الزواج المسيحي مبني على أساس أن الله (احتضن) البشرية بتجسد المسيح ولن يتركها حتى لو أخطأت، إذ لا تستطيع الخطيئة أن تبعد الإنسان عن الله.
أما سبب عدم استمرارية الزواج فهو "قساوة قلب الأنسان" وكما يذكر الرب يسوع في متى 19: 8 قساوة القلب التي لا تستطيع أن تغفر للطرف المخطىء فيما إذا أراد أن يرجع عن خطيئته ويتغير، اضافة الى انها تقود الى خطايا اخرى.
ثانياً: ألمُسَبِّبات الناتِجة عَن الإنحِراف عَن أسُس العِلاقَة الزَوجِيَّة النَموذَجِيَّة
سنتناول الآن المشاكل الناجمة عن الانحراف عن مقومات العلاقة الزوجية المثالية والتي تتمثل بالحوار، سد الاحتياج، الثقة والالتزام، العلاقة مع الله.
-
مَشاكِل فِي الحِوار البَنَّـاء
إن الحوار المثالي البناء والمذكور سابقاً يتضمن التكلم، الإصغاء، الفهم. أما معوقات الحوار:
-
يمتنع الزوج أو الزوجة عن مشاركة نفسيهما أي( حقيقة دواخلهما) بصدق وانفتاح بسبب خوفهم من جرح مشاعر الطرف الآخر.
-
المساومة على الحق، (تمويه أو تغطية الحق) ربما يخفف من وطأة الأمر على الطرفين لفترة معينة لكن على المدى البعيد سيسبب إحراجا أكبر.
-
إعلان الحق لكن بادانة او بانفعال يعطي نتائج سلبية.
-
ان ضعف الإصغاء بين الزوجين سببه استخدام الطرق الدفاعية لحماية النفس من مواجهة الحق، التمركز على الذات، التعب الجسدي.
-
قصور في فهم شريك الحياة مثل معرفة نشأته، ونقاط الضعف والقوة لديه مما يعيق التقبل والغفران.
-
مَشاكِل فِي سَد الإحتِياج
يسعى الإنسان الطبيعي ( وبدافع الأنانية) لإشباع حاجته الى الأمان والأهمية والقيمة الذاتية من خلال إنجازاته هو أو من خلال الآخرين. لكن الحقيقة انه لا احد يستطيع أن يشبع هذه الحاجات (سد الاحتياج) إلا الله وحده مباشرةً او من خلال اشخاص مٌعنيين منه، " تكفيك نعمتي".
إن المشكلة تكمن فيما يلي:
-
أ) محاولة استخدام شريك الحياة لغرض سد الاحتياج الشخصي.
-
ب) تصرفات غير ناضجة (طفولية) وأحيانا غريبة أو أنانية يصعب التعايش معها.
وهنا تأتي كلمات بولس الرسول (1كو 13: 11):
"لما كنت طفلا كطفل كنت أتكلم، وكطفل كنت أدرك، وكطفل كنت أفكر، ولما صرت رجلاً تركت ما هو للطفل".
-
ج) إن عدم سد الاحتياج في الماضي يقود إلى ظاهرة الإسقاط في الحياة الزوجية مثل اسقاط الزوجة صورة والدها على زوجها. او اسقاط الزوج صورة والدته على زوجته.
-
مَشاكِل فِي الإلتِزام
ذكرنا سابقا بأن الكتاب المقدس يشير إلى أن علاقة الرجل بالمرأة في الزواج كعلاقة المسيح بالكنيسة، وهي علاقة محبة أبدية والتزام ابدي يطلق عليها "بالعهد".
تبدأ المشكلة عندما يتغير منظور الإنسان من المنظور الأبدي إلى الوقتي، أي عندما تبدأ علاقة أحد الطرفين أن تتأثر بالظروف المحيطة وبسلبيات أو حتى ايجابيات بعضهم بعضاً، مما يؤدي إلى صعوبة في قبول بعضهم البعض وحتى إلى صعوبة في الغفران المتبادل.
لكن وكما ذكرنا سابقاً بأن الزواج هو دعوة وطريق للقداسة، لأن الزوجين في حالة تماس كل مع الآخر وهنا يأتي الاختيار بأن تنتصر الأنانية أو تتضاءل، لكن نشكر الله لأن حضور يسوع بالروح القدس في بيت الزوجية هو المعين.
-
مَشاكِل فِي العِلاقَة مَعَ الله
إذا لم يدرك الزوجان حضور يسوع في حياتهم (علاقة شخصية مع الرب يسوع)، فمن الصعوبة بل من المستحيل عيش الزواج كزواج مسيحي، بصفاته وأهدافه ووجوده ككيان ضمن الجماعة المسيحية لأن المفهوم الكتابي للزواج سيكون مجهولا لدى الطرفين.
كذلك سوف لن يتوفر للزوجين الدافع الإلهي بالتزام الطرف الأخر بغض النظر عن الاختلافات والضعفات، وستكون هناك صعوبة في قبول الطرفين لبعضهما البعض، وصعوبة في إطلاق واستلام الغفران أيضا علما بأن القبول و الغفران هما من أهم الأسس لإدامة العلاقة الزوجية والإنسانية أيضًا.
وأخيرا هناك مسببات أخرى للمشاكل الزوجية مثل :
-
الاختلافات الجسدية والنفسية بين الرجل والمرأة.
-
مؤثرات خارجية مثل ظروف الحياة، الحالة المادية...الخ