٠٨١ - هل تصدق هذه العبارة؟ |
يوحنا 21 عدد 25 " واشياء أخر كثيرة صنعها يسوع ان كتبت واحدة واحدة فلست اظن ان العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة آمين "
العقلاء أسأل : هل يتخيل عاقل على وجه الأرض أن يوحنا صادق في هذه العبارة ؟ إن القارئ لهذه العبارة قد يتخيل أن يوحنا يقصد كل معجزات يسوع أو تاريخ حياة يسوع ، لكن الأمر غير ذلك فإن يوحنا يتحدث عن المعجزات التي فعلها يسوع بعد قيامته من القبر وهو في خلال أربعين يوماً كما يقول في أعمال الرسل 1عدد3: الذين اراهم ايضا نفسه حيّا ببراهين كثيرة بعدما تألم وهو يظهر لهم اربعين يوما ويتكلم عن الامور المختصة بملكوت الله. (SVD)
بالله عليكم هل ما يقوله الرجل معقول ؟ لو فرضنا أنه صنع خمسة معجزات وليكن عشرة في اليوم الواحد الذي يظهر لهم فيه في خلال الأربعين يوماً أي عشرة في اليوم الواحد في خمس مرات أو ستة مرات ظهر فيها ما يساوي ستين معجزة على أقصى تقدير ... فهل كتب العالم كلها لا تسع ستين معجزة من معجزات يسوع ؟
ألم تسمع مطلقاً عن صيغة المبالغة والتي هي كناية عن الكثرة؟ ... ومع ذلك أنا أؤمن أن هذا المكتوب ليس فقط صيغة مبالغة بل هو حقيقة واقعة، إذ ما صنعه يسوع ليس محدوداً في الثلاث سنوات التي خدمها، ولكنه كان يعمل ولا يزال يعمل إلى الآن.
لقد قال السيد المسيح أنه من قبل يولد إبراهيم هو كائن، فهو لا يزال يعمل منذ الأزل، والى الأبد.
هو الأول والآخر، هو البداية والنهاية، فإذا دونا كل الأعمال لن تسع الكتب المكتوبة.
هناك عدة إشارات إلى أن الرب يسوع المسيح كان يعمل معجزات كثيرة، لكن اختار البشيرون الأربعة أن يدونوا فقط ما ارتأوه مهماً لأهداف تقع ضمن سلطان الوحي، والجهة التي تم إرسال البشارة إليها. فكما ذكرت لك سابقاً، مفهوم الوحي يختلف عندنا عما هو لديكم.
اقرأ معي لو سمحت هذه الآيات التي توضح أن الرب يسوع المسيح له كل المجد، كان يصنع معجزات كثيرة لم يرى كتّاب الأناجيل أن يدونوها جميعها، فلاحظ ما ورد في بشارة متى 4: 23-25 "23 وَكَانَ يَسُوعُ يَطُوفُ كُلَّ الْجَلِيلِ يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهِمْ، وَيَكْرِزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ، وَيَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضَعْفٍ فِي الشَّعْب. 24 فَذَاعَ خَبَرُهُ فِي جَمِيعِ سُورِيَّةَ. فَأَحْضَرُوا إِلَيْهِ جَمِيعَ السُّقَمَاءِ الْمُصَابِينَ بِأَمْرَاضٍ وَأَوْجَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَالْمَجَانِينَ وَالْمَصْرُوعِينَ وَالْمَفْلُوجِينَ، فَشَفَاهُمْ. 25 فَتَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْجَلِيلِ وَالْعَشْرِ الْمُدُنِ وَأُورُشَلِيمَ وَالْيَهُودِيَّةِ وَمِنْ عَبْرِ الأُرْدُنِّ."
انتبه إلى عبارة "كل مرض" و "كل ضعف" في الشعب. كذلك الآية 24 حيث يذكر البشير إن أعداداً كبيرة من الناس المرضى بأمراضٍ مختلفة كان يؤتى بها عند الرب يسوع المسيح لكي يشفيهم، وكان يشفيهم. فكانت جموع كثيرة تتبعه.
كذلك يدوّن لنا البشير متى حادثة أخرى قصيرة ولكن غنية في متى 8: "وَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى بَيْتِ بُطْرُسَ، رَأَى حَمَاتَهُ مَطْرُوحَةً وَمَحْمُومَةً، 15 فَلَمَسَ يَدَهَا فَتَرَكَتْهَا الْحُمَّى، فَقَامَتْ وَخَدَمَتْهُمْ. 16 وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ قَدَّمُوا إِلَيْهِ مَجَانِينَ كَثِيرِينَ، فَأَخْرَجَ الأَرْوَاحَ بِكَلِمَةٍ، وَجَمِيعَ الْمَرْضَى شَفَاهُمْ، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ:«هُوَ أَخَذَ أَسْقَامَنَا وَحَمَلَ أَمْرَاضَنَا»."
نجد نفس الأمر يتكرر في متى 9: 35 "وَكَانَ يَسُوعُ يَطُوفُ الْمُدُنَ كُلَّهَا وَالْقُرَى يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهَا، وَيَكْرِزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ، وَيَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعْفٍ فِي الشَّعْبِ." فنلاحظ أن البشير يُعطينا لمحة من حياة السيد المسيح في كل مرة، وقد كان هذا هو شغله الشاغل خلال السنوات الثلاث ونصف السنة من آخر أيام حياته على الأرض.
لاحظ أيضاً ما يدونه لنا البشير متى في 14: 34-36 "34 فَلَمَّا عَبَرُوا جَاءُوا إِلَى أَرْضِ جَنِّيسَارَتَ، 35 فَعَرَفَهُ رِجَالُ ذلِكَ الْمَكَانِ. فَأَرْسَلُوا إِلَى جَمِيعِ تِلْكَ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ وَأَحْضَرُوا إِلَيْهِ جَمِيعَ الْمَرْضَى، 36 وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَلْمِسُوا هُدْبَ ثَوْبِهِ فَقَطْ. فَجَمِيعُ الَّذِينَ لَمَسُوهُ نَالُوا الشِّفَاءَ."
تخيّل معي لو أن كلاً من متى، مرقس، لوقا ويوحنا كتبوا كل حادثة شفاء وكل معجزة مهما كان نوعها، بالتفصيل، وما يدور معها من كلام ونقاش فهل تعتقد أن الكتب التي ذكرها يوحنا البشير كافية لتدوين أعمال الرب يسوع المسيح المعجزية؟ لا أظن. وكما ذكرت أعلاه، يستخدم البشير يوحنا صيغة مبالغة في ذكر أمر يريد به التأكيد على أهميته. وهذه الصيغة الأدبية لا تقتصر على يوحنا البشير، لاحظ السؤال الذي يطرحه بطرس الرسول على الرب يسوع المسيح في بشارة متى 18: 20-21 "حِينَئِذٍ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ بُطْرُسُ وَقَالَ:«يَارَبُّ، كَمْ مَرَّةً يُخْطِئُ إِلَيَّ أَخِي وَأَنَا أَغْفِرُ لَهُ؟ هَلْ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ؟» قَالَ لَهُ يَسُوعُ:«لاَ أَقُولُ لَكَ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ، بَلْ إِلَى سَبْعِينَ مَرَّةً سَبْعَ مَرَّاتٍ."
تخيّل معي الأمر الذي يحدث في هذا المقطع. يأتي إليك صديقك (أخوك) ويصنع أمراً شريراً معك، فبحسب فكر بطرس الذي كان متفائلاً بالرقم سبعة كدليل على طول أناته وصبره على أخيه الذي يمكن أن يُخطئ إليه في اليوم سبع مرات، فيقوم بمسامحته. لكن السيد المسيح هنا يستخدم صيغة المبالغة بحيث اعطي رقماً مبالغاً فيه (490 مرة في اليوم)، لكي يوضح أن المسامحة تكون لأقصى مدى، هل وصلت الفكرة؟