جاء في الإنجيل المقدس: وبينما يسوع في بيت عنيا عند سمعان الأبرص، دنت منه امرأة تحمل قارورة طيب غالي الثمن، فسكبته على رأسه وهو يتناول الطعام. فلما رأى التلاميذ ما عملت، استاؤوا وقالوا: «ما هذا الإسراف؟ كان يمكن أن يباع غاليًا، ويُوَزَّع ثمنه على الفقراء!» فعرف يسوع وقال لهم: «لماذا تزعجون هذه المرأة؟ فهي عملت لي عملًا صالحًا. فالفقراء عندكم في كل حين، وأما أنا فلا أكون في كل حين عندكم. وإذا كانت سكبت هذا الطيب على جسدي، فلتهيئه للدفن. الحق أقول لكم: أينما تعلن هذه البشارة في العالم كله، يحدث أيضا بعملها هذا، إحياء لذكرها»... التوضيح في التعليقات
اخوتنا الأحباء، عندما نرى موقف معين فيه يبدو إنسان محتاج إلى مساعدة معينة او أن هناك فرصة لعمل صلاح معيّن، فممكن أن تجرفنا الحماسة إلى أن نتوقف عمّا نفعله ونقدم تلك المساعدة. وهذا أمر جميل بكل تأكيد لا عيب فيه، ففي النهاية نحن نحيا على مبدئين: محبة الله ومحبة الآخرين. ولكن، كما نرى في موقف السيد المسيح مع تلاميذه، فليس كل الصلاح في محله. وممكن كثيرًا أن يكون هناك اكثر من موقف جميل يمكننا فعله ولكننا لا نستطيع فعل كل المواقف الجميلة، ليس لأن فينا شر، بل لأن حتى الصلاح يحتاج إلى ضوابط معينة. ونتيجة انشغالنا وانغماسنا في فعل صلاح معين، فقد نحطم حياتنا بالكامل ولا تعود لنا هوية او هدف في الحياة، فيتحول الصلاح من بركة إلى نقمة على حياتنا. نعم احبتنا، حتى عمل الخير قد لا يكون في المكان الصحيح. فنرى هنا احبتنا، على سبيل المثال، أن التلاميذ اعترضوا على الإسراف في الطيب وفضلوا أن يباع ويعطي للفقراء بثمنه؛ ولكن العمل الذي عملته هذه المرأة كان لابد من أن يتم، لأنها أعدت جسد السيد المسيح للدفن بعملها، ولو بيع ذلك الطيب وأعطي للفقراء، فلا سيسد الفقر الموجود في العالم، ولا سيحقق هذه الحاجة. فهناك امور احبتنا حتى لو بدت صالحة فعلينا أن نطلب إرشاد الله فيها ونعمل بمشيئته، لأن كل واحد منا مدعو إلى عمل معين صالح من قبل الله، فحتى فعل الصلاح دون إرشاد من الله ممكن أن يفقد الإنسان دعوة الله له، وايضًا يؤدي إلى انغماسه في مجال لا يمكنه مجاراته لأنه غير مدعو له. فالدين ليس مؤسسة خيرية، بل هو روحية تنتج ثمار صالحة. ويمكنكم ايجاد هذا النص في الإنجيل المقدس في متى ٢٦ : ٦ على الرابط التالي:
https://www.bible.com/ar/bible/67/MAT.26
