Life Agape Logo
٣. ١. ألشعور بالذنب

٣. ١. ألشعور بالذنب

يُصنف الذنب إلى مجموعتين رئيسيتين تحتوي على أنواع مختلفة:

أولاً: الذنب الموضوعي:

ويقصد بالموضوعي أي ما لهُ علاقة بالموضوع الذي سبّب الذنب أي ذو علاقة بالهدف وهو غير ذاتي، ويحدث عندما يُكسر قانون، ويعتبر الذي يكسر القانون مذنبا، حتى لو لم يشعر الشخص بذنبه. والذنب الموضوعي يكون على أربعة أنواع من الممكن أن تتداخل مع بعضها:

أ) الذنب القانوني: والذي يرمز إلى كسر قوانين الدولة.
ب) الذنب الديني: وهو يرمز إلى الفشل في طاعة قوانين الله.
ج) الذنب الذاتي: ويحدث في حالة كون الإنسان يكسر مقاييسه الذاتية أو يقاوم تنبيهات ضميره.
د) الذنب الاجتماعي: وهذا يحدث عند كسر قاعدة اجتماعية (ليست قانون دولة) مثل الثرثرة على الآخرين، الانتقاد الذي لا يرحم، إهمال منَ هم في حاجة. فهنا لم يكسر أي قانون تابع للدولة (إلا القانون الديني مع ملاحظة بأن هذه الأنواع من الذنب الموضوعي ممكن أن تتداخل مع بعضها).

إن الجميع يشعر بعدم الراحة في حالة كسر القوانين أعلاه، ولكن من الممكن أيضًا أن لا يتولد لديهم الشعور بالذنب كنتيجة. فالمجرم القاسي القلب ممكن أن يتصرف بعنف، وفي نفس الوقت لا يشعر بالندم أو بالحزن بسبب تصرفه. وكذلك ملايين الناس ينسون الله كل يوم وهم بهذا يُخطئون تجاه الله ولكنهم لايشعرون بالذنب.

ثانيًا: الذنب الشخصي:

ويقصد بالشخصي أي ما متعلق بالفاعل وليس الهدف أي ذاتي، وغير موضوعي. وهذا النوع من الذنب يرمز إلى الشعور الداخلي بالندم مصحوبًا بإدانة النفس والقلق والخوف من العقاب واستصغار النفس، والذي يظهر بسبب تصرف الإنسان نفسه وبوعيه. وهو ينشأ عندما يعمل الإنسان أو يفكر بشيء يعتقد أنه خطأ، أو عندما يفشل في عمل شيء مهم بالنسبة له.

نظرة الكتاب المقدس إلى الذنب

يشير الكتاب المقدس:

أسباب الشعور بالذنب:

  1. التربية

    إن بعض البيوت تكون مقاييسها صلبة وصعبة، ولذا فعلى الأغلب يفشل الطفل في أدائها، هذا بالإضافة إلى قلة التشجيع والمدح. والطفل يشعر باللوم الموجه نحوه وبالإدانة والعقاب المتكرر الذي يؤدي به إلى الشعور بالفشل والنقص والذنب المستمر. وهذا لأن الطفل قد تعلم منذ الصغر مجموعة من القوانين التي تبدو له مستحيلة.
    إضافة إلى إن الطفل يتصرف بطريقة تجلب لهُ المديح ليتجنب العقاب، وهكذا يتعلم الطفل منذ مراحل حياته الأولى عن الذنب. فإذا كان الوالدان مثالا جيدا لتعليم الطفل والبيت تسوده المحبة والاستقرار، ويكون هناك تركيز على القبول والتشجيع أكثر من العقاب والانتقاد فالطفل سوف يشعر بالأمان ويختبر القبول والغفران.
    أما في حالة كون الوالدان مثالا ضعيفا لطفلهم وانتقاديين ومطلبيين، فالطفل ينشأ قليل المرونة وغاضبا ويشعر بالذنب المستمر، إذ يكون البيت خاليا من النعمة ويفتقر إلى المحبة.
    إن الفرد الذي قد تدرب على المفهوم الصلب (غير المرن) للخطأ والصواب والذي لا يدرك الغفران الإلهي، يعيش تحت وطأة الشعور بالذنب. إن هذا الشعور بالذنب ليس بسبب الندم على الخطيئة وكسر القانون ولكنه إشارة إلى أن الشخص مستعبد للخوف من العقاب والانعزال واستصغار النفس مما يؤدي إلى الغضب وفقدان الفرح. إن هكذا أشخاصا يحتاجون إلى المساعدة أكثر من النقد.

  2. خطايا تجاه النفس/ الآخر

    وهي الخطايا التي يرتكبها الإنسان تجاه نفسه مثل الإدمان بكل أنواعه، وأي نقص في المحبة تجاه الآخر. إن مقدار الذنب يعتمد على مدى تأصل هذه الخطيئة في الشخص نفسه وعلى نظرته للأمور.

  3. الشعور بالنقص والضغط الاجتماعي

    إن توقعاتنا الشخصية تتأثر بأفكار وانتقادات الآخرين. وإن كل شخص يحصل على الراحة من ذنبه بانتقاده للناس الآخرين وفي تبرير الذات. لذلك فان آراء الناس (الضغط الاجتماعي) تمثل سببًا كبيرًا لمشاعر الذنب عند الآخرين.

  4. تأثيرات خارجية

    إن الذنب الموضوعي والشخصي دخل البشرية عند ابتعاد الإنسان الأول عن الله ومحاولته الاختباء من وجه الله بسبب الخطيئة. إن الكتاب المقدس يُظهر أن مقاييس الله عالية وان الإنسان يخدع نفسه حين يتظاهر بأنه بلا خطيئة. إن الإدراك بالذنب الموضوعي ممكن أن يأتي للإنسان بواسطة عمل روح الله الذي يبكت الإنسان على خطيئته. إن هذا الإدراك هو لأجل تطهيرنا ونمونا في النعمة.
    وهناك جانب آخر، وهو خداع المجرب للإنسان والذي بالتالي يقود إلى تفاقم الشعور بالذنب.

نتائج الشعور بالذنب:

هناك نتائج نفسيّة، اجتماعية، جسدية، روحية:
  1. التفكير الدفاعي: وهي طريقة التفكير التي يستخدمها الإنسان لتجنب أو لتقليل ألشعور بالذنب. إن كل الطرق الدفاعية مثل إنكار الخطأ والانسحاب من الآخرين وتبرير الذات وإيجاد الأعذار، تحمي الإنسان من مشاعر الذنب ولكنها تعتبر تشويها للحقيقة، وهي أقنعة يضعها الإنسان للهروب من الواقع الأليم.
  2. الألم النفسي: إن الشعور بالذنب دومًا ينشئ الارتباك والقلق والشعور بالضعف وقلة القيمة وفقدان الأمان والتشاؤم، هذا بسبب الإحساس بالتقصير تجاه الطرف الآخر (الله/ الإنسان). ويتولد أحيانًا عقاب النفس وعدم الاسترخاء بحضور الآخرين ورفض المديح ورفض الفعاليات الترفيهية، لأن الشخص يشعر بالذنب ولا يستطيع أن يقبل نفسه ولا أن يغفر لها، وهذا يقود إلى الاكتئاب وربما إلى أفكار انتحارية.
  3. ردّ الفعل الجسدي: إن الشعور بالذنب المستمر قد يؤثر سلبيًا في جسد الإنسان. فإذا لام الشخص نفسه ولمدة طويلة فإن جسده يبدأ بالضعف والتراجع وبالتالي يؤدي إلى المرض. يعزو بعض الأطباء النفسانيين هذا إلى عقاب النفس في اللاوعي (مخزن الذكريات الأليمة)، وكذلك فإنهُ من الأسهل على الإنسان أن يتعايش مع الألم الجسدي من أن يتحمل ثقل ذنبه.
  4. التوبة واختبار الغفران: ليست كل نتائج الذنب سلبية. إذ ان بعض الناس تعلموا أن يقبلوا أخطائهم وأن يعترفوا بها للرب وللآخرين، وأن ينضجوا من خلالها، وبذا يحصلون على الراحة الداخلية لأنهم قد أدركوا معنى الغفران الإلهي. وهؤلاء ينطبق عليهم كلام بولس الرسول في 2كور 7/8-10،المذكور أعلاه والذي يشير به إلى فوائد الحزن البناء/ الإلهي والذي يقود إلى التوبة والخلاص (توبة بطرس) بدل الندم والاضمحلال (انتحار يهوذا).

أمثلة كتابيّة عن الشعور بالذنب

لنتذكر كلام الرب لنا: الربُ يرجعُ ويرحَمُنَا، ويسترُ لنا ذنوبَنا وفي أعماقِ البحرِ، يطرحُ جميعَ خطايانا له كل السجود، آمين.