روح الله |
يشير هذا المقطع إلى حياة الله التي تدفق منه وتفيض علينا بكل النعم والبركات.
إن الماء الجاري من الهيكل هو رمز للروح القدس المرسل من يسوع.
" ورجع بي الرجل إلى المدخل الشرقي فرأيت تحت العتبة مياها تجري على طول جانب الهيكل الأمامي صوب الجنوب وعبر المذبح إلى الشرق.وخرج بي من طريق باب الشمال ودار بي في الطريق الخارجي إلى الباب الخارجي عند الطريق المتجه نحو الشرق، فإذا بالمياه تجري من الجانب الجنوبي ".
إن مياه النهر المتدفق من الهيكل هي حياة الله الذي يخرج من ذاته بالتجسد وتتجه هذه الحياة إلى الشرق حيث ولد يسوع (الذبيحة)، ومن الشرق تنطلق حياة الله بكل الاتجاهات لخلاص البشرية.
"وعندما خرج الرجل إلى نحو الشرق كان بيده خيط، فقاس ألف ذراع واجتاز بي المياه التي غمرتني حتى الكعبين.ثم قاس ألف ذراع فغمرتني المياه إلى الركبتين. ثم قاس ألف ذراع فغمرتني المياه إلى الحقوين".
هذه الآيات ترمز إلى سر الله والى محدودية الإنسان للتعرف الكامل إلى الله. أن الرجل الذي يرافقنا لمعرفة الله (ألآب) هو المسيح نفسه والخيط الذي يحمله يرمز إلى رسالة المسيح وتعاليمه الروحية، هذه الرسالة هي مقياس تقدمنا في حياة الله ومعرفته.
ألف ذراع، هي إشارة إلى المعرفة المتدرجة لله بواسطة مرافقة يسوع لنا في الحياة الروحية، فكلما تعلقنا بالمسيح أكثر واتحدنا به كلما تعرفنا إلى صورة ألآب بعمق.وبداية مسيرتنا مع يسوع لاجتياز المسافات من النهر هي بداية الدخول في علاقة مع الله (ألآب).
في كل اجتياز لألف ذراع يستعمل عبارة (المياه تغمرني ) فهي مياه ترتفع تدريجيا حتى تصل إلى درجة الطغيان، المياه هي مياه النهر وليس البحر إذ إن ما يلوح لنا على مستوى إدراكنا المحدود هو النهر فمهما تعمقنا في معرفة الله يبقى الله بمثابة سر (مهما كشف لنا من ذاته فالمخفي يكون أكثر بكثير ) فمهما عرفنا عنه، ما لا نعرفه يكون أكثر وهكذا في كل مرحلة نتقدم فيها مع يسوع نكتشف أبوة الله وحنانه وعظمته كخالق جليل وكلما عرفناه أكثر كلما زاد اندهاشنا من عظمة وجوده وكلما زاد فرحنا من فرط محبته لنا.
مياه النهر تكون دوما في جريان وانسياب، هو نهر هادى آمن وعميق يتسع إذ يتدفق من مجراه، هذه هي صفات الروح القدس، حياة الله المتدفقة من واهب الحياة.
" ثم قاس ألف ذراع، فإذا بنهر تعذر علي الاجتياز فيه لأن المياه صارت طاغية لا يمكن اجتيازها إلا سباحة.فقال لي: "أ رأيت يا أبن البشر؟ وذهب بي وأرجعني إلى شاطىء النهر. ولما رجعت لذا على شاطىء النهر أشجار كثيرة من هنا ومن هناك."
أن عبارة الاجتياز فيه وليس الاجتياز منه لأن الهدف هو إن نختبر معرفة الله وان نتعمق في معرفتنا له طوال مسيرتنا الإيمانية، ليس الهدف عبور النهر إلى الضفة الأخرى فليس هناك من ضفة أخرى، غاية الخلق والهدف الأخير هو الاشتراك في حياة الله .
الهدف من وجودنا هو الاشتراك في حياة الله، ليس هناك هدف اسمي من هذا في الوجود لنحيا من اجله.
السؤال يضعنا أمام مفترق الطرق، حدود الإنسان في كمال أدراك الله وسره العظيم الذي يفوق أي إدراك بشري.
إذن الهدف من الخبرة الروحية، هي الاشتراك في حياة الله والتمتع بالكشف الإلهي.
عند هذا السؤال ندخل ضمن اللا معرفة (الظلمة الروحية)، لكن هذا لا يحزننا لأن الله يترك لنا دوما ما يطيب خاطرنا ويعزينا، أي ما هو ثمار الخبرة الروحية عندما نرجع إلى واقعنا نرى تأثير هذه الخبرة على حياتنا، الأشجار على شاطىء النهر التي هي ثمار الروح فينا من إفهام ونور وسلام وحرارة، أن اكتشاف محدوديتنا البشرية تجاه سر العظمة الإلهية يفرحنا ولا يحزننا أبدا.
لقد رأينا كيف حاولنا الإقحام والدخول إلى حياة الله السرية والمطلقة وعندها اكتشفنا محدوديتنا وعرفنا حدود معرفتنا لله.
والآن لنتأمل دخول الله لحياتنا وطريقة تعامله معنا لتحقيق خلاصنا.
"فقال لي: هذه المياه تخرج نحو الوادي الشرقية وتنزل إلى الأردن، وعندما تصب في مياه البحر الميت تحولها إلى مياه عذبة"
مياه النهر الجاري النازلة إلى الأردن تشير إلى روح الله الذي يسكب علينا ليحيينا، مياه هادئة ولطيفة لا مد ولا جزر. مياه البحر الميت يرمز لروح الإنسان لروح الإنسان وعمقه الذي يكون أشبه بالميت لأنه راكد دون حياة وحالما تلمس روح الله الإنسان تتجدد الروح باتحادها بالروح القدوس وهي لحظة الاهتداء أو الولادة الجديدة أو الشفاء الآني للروح هي اللحظة التي نختبر فيها معرفة الروح القدوس.
"وكل نفس حية تزحف حيث يجري النهر تحيا، ويتكاثر السمك لأن هذه المياه تجري إلى هناك حتى تصير مياه البحر عذبةً. فكل ما يبلغ إليه النهر يحيا. ويقف على شط هذا البحر صيادون من عين جدي إلى عين عجلا يم، يكون لهم هناك منشر للشباك، ويكون سمكه على أصنافه كسمك البحر المتوسط .
روح الرب قادر على إحياء وتغيير كل ما نوجهه لله والزحف إشارة للشفاء التدريجي للنفس وتطهير العواطف وتوافق الإرادة البشرية مع إرادة الله وتجديد الذهن بنور إفهام الرب. تكاثر السمك إشارة إلى ثمار الروح في داخل المؤمن والى شركة المؤمن في حياة الله الأبدية حيث تقترب صورته من صورة الله الجميلة (بصورة قياسية ونسبية).
"أما مستنقعاته وبركته فلا تصير عذبة بل تبقى مالحةً"
المستنقعات والبرك المالحة إشارة إلى رواسب ومخلفات الماضي وبعض الطبائع السيئة التي يجب أن نتعلم كيف نتجاوزها وليعرف الإنسان حدوده دائما فلا يتكبر مهما اقترب من الله فليفخر بالله لأنه هو سبب خلاصه.
"وعلى شاطئه من هنا وهناك ينبت كل شجرٍ يؤكل، ولا يذبل ورقه ولا ينقطع ثمره، بل كل شهر يحمل بواكير لان مياهه تخرج من الهيكل فيكون ثمره للطعام وورقه للشفاء"
الشاطئ هي حياة المؤمن العملية حيث تصبح حياتهم مثمرة لأجل الآخرين ذهنه متجدد وروحه متجددة قراراته حرة وفق مشيئة الرب.