شفاء خادم قائد المئة |
هذا الشاب لم يكتسب الفرصة الثانية في الحياة بنفسه أو بإيمانه، بل هي عطية الرب يسوع الغني بالرحمة والتعاطف مع حاجات الآخرين.
قائد المئة رتبة عسكرية في الجيش الروماني يرأس حاملها جماعة مكونة من مائة جندي، ورغم كونه وثني إلا انه كان يمتلك علاقات طيبة مع الشيوخ ووجهاء المجتمع حتى انه بنى احد المجامع من ماله الخاص. وعندما سمع بيسوع التجأ إليه لا كملاذ أخير أو تعويذة سحرية بل إيمان صادق برحمة الرب يسوع وقدرته على الشفاء.
يحكي الإنجيلي لوقا عن الرسل الموفدة (الشيوخ والأصدقاء) من قائد المئة إلى يسوع طلباً للمعجزة، أما الإنجيلي متى يحكي عن ذهاب قائد المئة بنفسه إلى يسوع، ومن المؤكد أن ليس هناك من خلاف فيما كتب لأن المهم هو إيمانه بقدرة كلمة يسوع على الشفاء وبسلطة يسوع في حالة حضوره أو غيابه.
قارن يسوع بين إيمان هذا الرجل وبين من أرسل إليهم من هم يعيشون إيمانهم في انتظار المسيح، وامتدح إيمان القائد لأنه نظر إلى عمق قلبه المتواضع وليس إلى مكانته الاجتماعية أو إلى إنجازاته في بناء مجمع لهم .نظر يسوع إلى سعيه الجاد لشفاء هذا الإنسان العزيز على قلبه، إلى درجة انه تنازل عن مكانته الاجتماعية أو عن كونه وثني والتجأ إلى يسوع طلبا للمساعدة.
عبارته الرائعة التي غالبا ما نرددها اليوم ( يارب لا استحق أن تدخل تحت سقف بيتي، ولا احسب نفسي أهلا لأن أجيء إليك، ولكن قل كلمة فيشفى خادمي)، هذه العبارة تجسد كل مشاعر القائد وأيضا تبين كيف أن مراجعة حياته كانت تتم توا على ضوء رحمة يسوع الفائقة حيث امتلكه الندم واختبر التوبة وكأن يسوع كان المرآة التي عكست له حقيقة كونه خاطىء لا يتجرأ بل لا يستحق حتى الحضور أمام يسوع البار.
تعاطف الشيوخ مع قائد المئة بسبب محبته لشعبهم وبناءه مجمعا لهم...
تعاطف الأصدقاء مع قائد المئة بسبب محبتهم هم له...
تعاطف قائد المئة مع خادمه العزيز عليه...
وأخيرا هناك ما هو الأهم:
تعاطف يسوع معهم جميعا بأجتراحه لمعجزة الشفاء حيث توجه الجميع إلى يسوع بنفس الطلب، دافعهم الوحيد كان المحبة والخير والحياة ،توافقت مشيئة الجميع، وهذه المشيئة توافقت مع مشيئة الرب يسوع واهب الحياة فاجتراح أي معجزة غير ممكن لو لم تلقى تجاوبا بالأيمان.
يسوع كان واضحا أن الخلاص هو للجميع ومسئولية الإنسان أن يتقبل هذا الخلاص مهما كان خاطىء أو وثني أو غير ذلك.
إذا أردنا المقارنة بين إيمان الاثنين:
هناك تشابه كبير بين إيمان الاثنين بيسوع، هذا الأيمان يعكس معرفة عميقة لشخص يسوع ولوسع رحمته وشمولية خلاصه للبشر.
التجأ الاثنان برغبة صادقة ومحبة حقيقية تجاه الآخر، العزيز عليهما (الابنة والخادم ).
أما الفرق فهو إن للمراة الكنعانية جرأة أكثر بالقدوم شخصيا إلى يسوع والتنازل أكثر بأن ترد على كل ما يقوله لها يسوع من عبارات قاسية بأجوبة تحوي في مضمونها كل الثقة بأنها تستحق رحمة الله وذلك لأن محبة الله لا تتوقف على استحقاقاتنا أو أمانتنا بل على فيض رحمة الله على البشر إن كانوا مستحقين أم غير مستحقين (فالشمس تشرق على كل الأرض)، أما قائد المئة أن جاء إلى يسوع شخصيا أم لم يأتي فهو كان له نفس النظرة إلى ذاته (نظرة عدم الاستحقاق ) التي بسببها لم يتمتع ولم يتشرف بالحضور الشخصي ليسوع إلى بيته، نظرته الغير مستحقة إلى ذاته حرمته من التمتع بالنظرة الحنونة إلى يسوع رغم عظم إيمانه.
بالنسبة إلى يسوع فنحن دوما مقبولون مهما كانت نظرتنا إلى ذاتنا ومهما كانت جرأتنا، المهم في نظر يسوع أن نلجأ له ونحتمي به لنتمتع بهبة الحياة الأبدية التي لم نحصل عليها أبدا خارجا عن رفقته.