Life Agape Logo
٠٦٥ - قاله إضربني، قاله لأ، قاله الأسد هايكلك، وأكله الأسد!

٠٦٥ - قاله إضربني، قاله لأ، قاله الأسد هايكلك، وأكله الأسد!

الســـؤال

عفواً على اللغة العامية أعلاه لكن إطلع على النص ولك الحكم

 جاء في سفر الملوك الأول 20: 35  (( ان رجلاً من بني الانبياء قال لصاحبه . عن امر الرب اضربني . فأبى الرجل ان يضربه . فقال له من اجل انك لم تسمع لقول الرب فحينما تذهب من عندي يقتلك أسد . ولما ذهب من عنده لقيه أسد وقتله )) ( ترجمة الفانديك دار الكتاب المقدس )

 تخيل  .. رجل يقول لصاحبه إن الله يأمرك أن تضربني !!! هل هذا معقول ؟ هل يُنزل الله وحياً على رجل ما، يقول له فيه عليك أن تطلب من رجل آخر أن يضربك ؟ على كل حال وكما هو متوقع من العقلاء فإن الرجل رفض أن يضرب صاحبه فغضب طالب الضرب على صاحبه ودعا عليه فأكله أسد !!!! ولماذا يدعو عليه ؟ وما ذنبه؟ دعا عليه لأنه رفض أن يضربه !!!! والمدهش أن الرب استجاب دعائه ( حسب النص ) فأكل الأسد هذا الرجل المسكين الذي رفض أن يضرب صاحبه !!!! وهل هذه العقوبة مناسبة لرفض الرجل أن يضرب صديقه ؟ ننتظر الإجابة ولكن عفواً نريدها من العقلاء .


الإجـــابة

للأسف أنت تتكلم عن قصة تعتبر من القصص الجميلة في الكتاب المقدس، وتتكلم عن أهمية الطاعة، ولكنك اقتطعت جزءاً منها بفطنة وحنكة لتظهرها بهذه الصورة المضحكة. ليتك تستخدم أسلوبك بطريقة يمكن من خلالها أن تفيد الآخرين لا أن تستخدمها لخداعهم، يا من تدّعي العقلانية.

هذه هي المقدمة التي رأيتها ضرورية، وأنا أرى هذا السؤال الذي اقتطعته – كعادتك – من نص طويل وقصة كبيرة. لنقرأ الآن جزءاً من القصة أكبر من الجزء الذي تناولته لفهم النص.

وَإِنَّ رَجُلاً مِنْ بَنِي الأَنْبِيَاءِ قَالَ لِصَاحِبِهِ: «عَنْ أَمْرِ الرَّبِّ اضْرِبْنِي». فَأَبَى الرَّجُلُ أَنْ يَضْرِبَهُ فَقَالَ لَهُ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ لَمْ تَسْمَعْ لِقَوْلِ الرَّبِّ فَحِينَمَا تَذْهَبُ مِنْ عِنْدِي يَقْتُلُكَ أَسَدٌ. وَلَمَّا ذَهَبَ مِنْ عِنْدِهِ لَقِيَهُ أَسَدٌ وَقَتَلَهُ ثُمَّ صَادَفَ رَجُلاً آخَرَ فَقَالَ: «اضْرِبْنِي». فَضَرَبَهُ الرَّجُلُ ضَرْبَةً فَجَرَحَهُ فَذَهَبَ النَّبِيُّ وَانْتَظَرَ الْمَلِكَ عَلَى الطَّرِيقِ، وَتَنَكَّرَ بِعِصَابَةٍ عَلَى عَيْنَيْهِ وَلَمَّا عَبَرَ الْمَلِكُ نَادَى الْمَلِكَ وَقَالَ: «خَرَجَ عَبْدُكَ إِلَى وَسَطِ الْقِتَالِ، وَإِذَا بِرَجُل مَالَ وَأَتَى إِلَيَّ بِرَجُل وَقَالَ: احْفَظْ هذَا الرَّجُلَ، وَإِنْ فُقِدَ تَكُونُ نَفْسُكَ بَدَلَ نَفْسِهِ، أَوْ تَدْفَعُ وَزْنَةً مِنَ الْفِضَّةِ وَفِيمَا عَبْدُكَ مُشْتَغِلٌ هُنَا وَهُنَاكَ إِذَا هُوَ مَفْقُودٌ». فَقَالَ لَهُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ: «هكَذَا حُكْمُكَ. أَنْتَ قَضَيْتَ فَبَادَرَ وَرَفَعَ الْعِصَابَةَ عَنْ عَيْنَيْهِ، فَعَرَفَهُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مِنَ الأَنْبِيَاءِ فَقَالَ لَهُ: «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: لأَنَّكَ أَفْلَتَّ مِنْ يَدِكَ رَجُلاً قَدْ حَرَّمْتُهُ، تَكُونُ نَفْسُكَ بَدَلَ نَفْسِهِ، وَشَعْبُكَ بَدَلَ شَعْبِهِ فَمَضَى مَلِكُ إِسْرَائِيلَ إِلَى بَيْتِهِ مُكْتَئِبًا مَغْمُومًا وَجَاءَ إِلَى السَّامِرَةِ. 1مل 20: 35- 43

لنكتب القصة بالبلدي مثلما تفضلت وفعلت أنت. أحد الأنبياء كلفه الله بمهمة كبيرة جدا وحساسة أمام ملك إسرائيل، هذه المهمة إذا عرف ملك إسرائيل هوية النبي لن يسمع له، فقرر النبي أن يتنكر (مؤقتا) حتى تصل الرسالة، في شكل جندي جريح. وكان الأمر يقتضي ان يحصل على ضربة قد تؤدي إلى جرحه، حتى يصدق الملك أنه جندي، لذلك طلب ذلك النبي من أحد الأنبياء أن يضربه، ولكن النبي الآخر عندما رفض، وهذا يعد عدم طاعة وخضوع، فما كان من النبي الأول الاّ أنه –تنبأ – على النبي الآخر، (ونلاحظ كلمة تنبأ وتختلف كثيراً عن الكلمة التي استخدمها السائل وهي "دعا عليه") ثم لجأ لنبي آخر فوافق النبي الآخر على تنفيذ طلبه، وبالتالي أتم النبي مهمته بنجاح.

هل وضحت القصة التي أردت أنت تشويهها؟! نأتي الآن لأسئلتك المطروحة.

لماذا يدعو عليه؟: والإجابة أنه لم يدعُ عليه، فالدعاء هو أن يقول يارب دع الأسد يأكل صديقي، ولكننا نراه يقدم أسلوباً خبرياً واضحاً وهو: لأنك لم تضربني سوف يأكلك الأسد، وهذه "نبوة" لعقاب إلهي بسبب تمرد النبي .

ما ذنبه؟ : تمرد النبي ... أنت تؤمن بعصمة الانبياء، ولكن هذا أراه أنا غير حقيقي، فالنبي في الأول والآخر هو إنسان يمكن له أن يصيب ويمكن أن يخطئ. وهذا النبي كان يعرف أن زميله يريد من وراء طلبه هذا شيئا، ولكنه أصر على الرفض إلى أن يفهم. وهنا الخطأ، فليس من الضروري أن تفهم مشيئة الله ولكن أن تطيع الله، ولقد تمرد على الله بتمرده على نبيه، فكان العقاب.

هل هذه العقوبة مناسبة لرفض الرجل أن يضرب صديقه؟ لست أنا من يقول إذا كان العقاب يتناسب مع ما اقترفه الرجل أو لا، ولكن الله رأى أنه يتناسب، والأمر كان دقيقاً والبلد في حالة حرب، وعدم الطاعة في هذا التوقيت كان يعد بمثابة خيانة عظمى حتى في الجيش، فلما تستصغر شيئاً يراه الله عظيماً؟!!

ليس ذلك فحسب، بل كل ما فعله النبي كان له قصد وهو تأديب الملك الذي لم يُطِع كلام الله على فم النبي، بأنه سوف يدفع ليديه ملك آرام والملوك المتحالفين معه، وعلي ملك إسرائيل أن يقوم بتحريمهم (ملوك الأول 20: 28). فعندما تعدّى الملك وصية الله على فم النبي، كان لزاماً لذلك النبي أن يواجه الملك ويأخذ الدينونة من فمه هو، كما يقول المثل (من فمك أدينك). وهذا هو الذي حدث معه تماماً، اقرأ العدد 42 لتفهم هذا الأمر فهم العقلاء.

لقد انتهيت من الرد، أصلي أن تكون فهمت، وليتك تكف عن اقتطاع الآيات لتصل الى أهداف غير بريئة. والآن الى السؤال التالي.